كيف تهدد التعريفات الجمركية على الصين الاقتصاد الأمريكي أكثر مما هو متوقع؟
تعرف على كيفية تأثير التعريفات الجمركية على الصين على الاقتصاد الأمريكي بشكل أعمق مما تظهره الإحصاءات الرسمية، مع تحليل للمخاطر والتداعيات المحتملة.

كيف تهدد التعريفات الجمركية على الصين الاقتصاد الأمريكي أكثر مما تشير إليه البيانات
في ظل التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، أثارت التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا على الواردات الصينية جدلاً واسعًا. تشير الأبحاث الحديثة إلى أن هذه التعريفات قد تضر بالاقتصاد الأمريكي بدرجة أكبر مما تكشف عنه البيانات الرسمية. في هذا المقال، نستعرض تأثير هذه السياسات على الاقتصاد الأمريكي، مع التركيز على المخاطر التي قد تتجاوز التوقعات.
لماذا تُعتبر التعريفات الجمركية قضية مثيرة للقلق؟
الولايات المتحدة تفرض تعريفات جمركية على السلع الصينية بهدف حماية الصناعات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات. ومع ذلك، تشير دراسة أجراها البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إلى أن التأثير السلبي قد يكون أعمق مما هو متوقع. هذا يعود جزئيًا إلى عدم دقة البيانات الرسمية التي تقلل من حجم الواردات الصينية الحقيقية إلى الولايات المتحدة.
منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، فرض تعريفة بنسبة 10% على السلع الصينية، مع خطط لإلغاء الإعفاءات الجمركية على الواردات "الدنيا" (تلك التي تقل قيمتها عن 800 دولار). هذه الخطوة قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف المستهلكين الأمريكيين بشكل كبير.
الواردات "الدنيا" ودورها في الاقتصاد
تُعد الواردات "الدنيا" (de minimis) واحدة من النقاط الرئيسية التي قد تؤدي إلى تفاقم تأثير التعريفات. هذه الواردات، التي تشمل الشحنات الصغيرة المباشرة للمستهلكين، شهدت نموًا هائلاً في السنوات الأخيرة. تشير التقديرات إلى أن قيمة هذه الواردات من الصين قد تجاوزت 50 مليار دولار في العام الماضي، مع زيادة محتملة بنسبة 50% أو أكثر.
إذا أُلغيت الإعفاءات لهذه الفئة، كما يخطط ترامب، فإن الأسعار سترتفع بشكل ملحوظ على المنتجات اليومية مثل الملابس والإلكترونيات. هذا يعني أن المستهلك الأمريكي سيواجه عبئًا إضافيًا، خاصة إذا لم تخفض الشركات الصينية أسعارها لتعويض التعريفات.
تأثير التعريفات على الشركات والمستهلكين الأمريكيين
في حين يروج ترامب للتعريفات كوسيلة لتعزيز الاقتصاد الأمريكي وحماية الوظائف المحلية، فإن الواقع قد يكون مختلفًا. الشركات الأمريكية التي تعتمد على الواردات الصينية، مثل تجار التجزئة والمصنعين، ستضطر إلى تحمل تكاليف إضافية. هذه التكاليف قد تُنقل إلى المستهلكين في شكل أسعار أعلى، أو تؤدي إلى تقليص الأرباح وتقليل الاستثمارات.
على سبيل المثال، أظهرت دراسات سابقة أن التعريفات التي فرضت خلال الفترة 2018-2019 أدت إلى انخفاض طفيف في التوظيف الصناعي بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات والردود الانتقامية من الصين. هذا يشير إلى أن الفوائد المفترضة قد تُقابلها خسائر أكبر.
ردود الفعل الصينية المحتملة
الصين لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التعريفات. فقد ردت بالفعل بفرض تعريفات مقابلة بنسبة 15% على صادرات أمريكية مثل الفحم والغاز الطبيعي المسال. كما يمكن أن تلجأ الصين إلى خفض قيمة اليوان لتخفيف تأثير التعريفات الأمريكية، مما قد يؤدي إلى حرب تجارية أوسع تضر بالاقتصادين معًا.
لماذا تقلل البيانات الرسمية من شأن المخاطر؟
تكشف الفجوة بين البيانات الأمريكية والصينية عن حجم الواردات عن مشكلة أساسية. بينما تظهر الإحصاءات الأمريكية انخفاض حصة الصين في الواردات من 21.9% في 2017 إلى 13.8% في 2023، تشير البيانات الصينية إلى أن الانخفاض أقل بكثير. هذا التناقض يعني أن الولايات المتحدة قد تستورد من الصين أكثر مما تعترف به، مما يجعل تأثير التعريفات أكبر مما هو متوقع.
على سبيل المثال، يقول هانتر كلارك، باحث في البنك الاحتياطي الفيدرالي، إن "الواردات الأمريكية من الصين لم تنخفض بالقدر الذي أُبلغ عنه، مما يعني أن التعريفات الأخيرة قد يكون لها تأثير أكبر على الاقتصاد الأمريكي".
هل تستحق هذه التعريفات المخاطرة؟
في النهاية، تبدو التعريفات الجمركية على الصين كسيف ذو حدين. بينما تهدف إلى حماية الاقتصاد الأمريكي وتعزيز الإنتاج المحلي، فإنها قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتعطيل سلاسل التوريد، وحتى إلحاق الضرر بالعلاقات التجارية الدولية. مع تزايد التحذيرات من الخبراء الاقتصاديين، يبقى السؤال: هل ستحقق هذه السياسة أهدافها، أم أنها ستكلف الاقتصاد الأمريكي أكثر مما يمكنه تحمله؟
مع استمرار هذا الصراع التجاري، يظل المستهلكون والشركات الأمريكية في انتظار ما ستسفر عنه هذه السياسات في الأشهر القادمة. الوقت وحده سيظهر ما إذا كانت هذه المخاطر محسوبة أم أنها ستتحول إلى أزمة اقتصادية غير متوقعة.