مارك كارني: ديمقراطية كندا في مواجهة ترامب

أبريل 29, 2025 - 14:10
 0  1
مارك كارني: ديمقراطية كندا في مواجهة ترامب
مارك كارني يقود فوز الليبراليين في كندا، مستغلاً تهديدات ترامب لتعزيز الوحدة الوطنية والديمقراطية.

في تحول سياسي مذهل، قاد مارك كارني، رئيس وزراء كندا، حزب الليبراليين إلى فوز غير متوقع في الانتخابات الفيدرالية لعام 2025. جاء هذا الانتصار بعد حملة انتخابية طغت عليها تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات تجارية وضم كندا كـ"الولاية الـ51". لكن كارني، الخبير الاقتصادي ومحافظ البنك المركزي السابق، حول هذه الأزمة إلى فرصة، مقدمًا نفسه كمدافع عن الديمقراطية والوحدة الوطنية.

كيف أثر ترامب على انتصار كارني؟

في بداية العام، كان حزب المحافظين بقيادة بيير بويليفر يتقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي. لكن تصريحات ترامب العدائية، بما في ذلك فرض تعريفات بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم الكندي، أثارت غضب الناخبين الكنديين. استغل كارني هذا الغضب، موجهًا خطابه نحو تعزيز الهوية الكندية ورفض الخضوع للضغوط الأمريكية. في خطاب النصر في أوتاوا، قال كارني: "ترامب يحاول كسرنا ليمتلكنا، لكن كندا لن تستسلم أبدًا."

استراتيجية كارني: الاستقرار في مواجهة الأزمة

على عكس بويليفر، الذي تبنى شعار "كندا أولاً" المثير للجدل، ركز كارني على خبرته الاقتصادية. كونه قاد بنك كندا خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 وبنك إنجلترا أثناء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قدم كارني نفسه كقائد قادر على التعامل مع التحديات الاقتصادية الناجمة عن سياسات ترامب. تعهد بتعزيز التجارة مع أوروبا وآسيا لتخفيف الاعتماد على الولايات المتحدة، مما عزز ثقة الناخبين.

لم يكن فوز كارني مجرد رد فعل على ترامب، بل كان تأكيدًا على قوة الديمقراطية الكندية. أشاد كارني في خطابه بقادة الأحزاب الأخرى، مؤكدًا أن حملاتهم عززت النسيج الديمقراطي للبلاد. دعا إلى وضع حد للانقسامات، مشددًا على أن "الوحدة هي قوتنا". هذا الخطاب لاقى صدى لدى الكنديين الذين شعروا بالتهديد من الخطاب الشعبوي الذي يشبه أسلوب ترامب.

رغم الفوز، يواجه كارني تحديات كبيرة. التعريفات الأمريكية تهدد الاقتصاد الكندي، وقد تؤدي إلى ركود اقتصادي. كما أن الفوز لم يضمن أغلبية برلمانية واضحة، مما قد يجبر كارني على التحالف مع أحزاب أخرى مثل الحزب الديمقراطي الجديد. بالإضافة إلى ذلك، تظل قضايا مثل تكلفة المعيشة، الإسكان، وتغير المناخ على رأس أولويات الناخبين.

مع ذلك، يبقى كارني رمزًا للمقاومة ضد الشعبوية العالمية. فوزه ليس مجرد انتصار لحزب الليبراليين، بل رسالة إلى العالم بأن الديمقراطية يمكن أن تزدهر في مواجهة التحديات. بينما يستعد لتشكيل حكومته الجديدة، يترقب الكنديون والعالم خطواته القادمة في مواجهة العملاق الجنوبي.